مسار استدامة الموارد في عمليات التعدين

غالبًا ما تنتج عمليات التعدين كميات كبيرة من المخلفات (الردميات) كمنتج ثانوي، مما يشكل تحديًا بيئيًا واقتصاديًا في آن واحد. وهو ما يمثل أيضاً فرصة لاستعادة العناصر القيمة من هذه المخلفات من خلال إعادة التدوير أو إعادة الاستخدام أو تحويل هذه المواد إلى منتجات قابلة للتسويق. يمكن أن تخدم هذه المنتجات قطاع التعدين أو تمتد لدعم صناعات أخرى، بما يخلق قيمة اقتصادية جديدة، ويقلل الأثر البيئي، ويساهم في تحقيق أهداف الاقتصاد الدائري. يتطلب هذا التحدي ابتكار حلول قادرة على تحويل النفايات المكلفة إلى موارد ذات قيمة، وتعزز كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، وتقلل الانبعاثات والمخاطر البيئية، وتضيف فرص ملموسة لتحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية.

تستهلك عمليات التعدين كميات ضخمة من المياه خلال مراحلها المختلفة مثل معالجة الخام، والسحق، والطحن، وفصل المعادن، وإدارة المخلفات (الردميات). وتُستخدم المياه لتقليل الغبار، ونقل وفصل المعادن، وتبريد المعدات، وإدارة المخلفات المتبقية. الاعتماد الكبير على المياه يجعل كفاءتها تحديًا محوريًا خاصة في المناطق ذات الموارد المائية المحدودة. وتشكل "برك المخلفات" أحد الفرص الحيوية ، إذ تحتوي على كميات ضخمة من المياه المعالجة (أي المياه التي لامست المواد الخام أو المنتج أو المنتجات الثانوية أو المخلفات)، والتي تتطلب حلول ابتكارية لبحث فرص استعادتها وإعادة استخدامها، لتقليل الاعتماد على المياه العذبة. كما يبرز مسار آخر يتمثل في المعالجة الجافة، والتي تركز على تطوير أساليب لا تعتمد على المياه في استخلاص ومعالجة المعادن. من شأن هذا التوجه تقليل استهلاك المياه العذبة بشكل كبير، والحد من إنتاج المخلفات الرطبة وصعوبة إدارتها، وتقليل المخاطر البيئية والتشغيلية المرتبطة بها. إن التحول نحو هذا النوع من الأساليب يعزز الاستدامة ويخفض التكاليف المرتبطة بمعالجة المياه وإدارتها. يتطلب هذا التحدي حلولًا تسهم إما في رفع كفاءة استخدام المياه أو في إلغاء الاعتماد على المياه كليًا. سواء من خلال تقنيات متقدمة تقلل من سحب المياه العذبة وتحقق إعادة استخدام كامل للمياه داخل موقع التعدين، أو عبر ابتكارات المعالجة الجافة التي تلغي الحاجة للمياه بالكامل، فإن الهدف هو تعزيز كفاءة الموارد وتحقيق استدامة أكبر. ومن المهم الأخذ بالاعتبار أن معظم مواقع التعدين تقع في مناطق نائية تفتقر إلى المياه والمرافق، مما يجعل الإدارة المبتكرة للمياه والحلول الجافة أكثر أهمية وإلحاحًا